الأحد، 8 مارس 2009

هدية سانتا

"أنا لا أؤمن بالهدايا؛ الهدايا دائمًا مخيبة للآمال.. دائمًا ما نتمنى الشيء الجميل فنجد الهراء"
(بطلة فيلم Dard Divorced)

وأنا لا أومن بالهدايا، (سوزي)، ولكني أومن بـ ’سانتا كلوز‘ برغم كل ما حدث لي.. ولكي تصدقينني سأشرح لكِ كيف حدث ما حدث.

ككل الأطفال عشقت سانتا، وفي ليالي الكريسماس كنت أبيت أردد:
"أنا أومن في سانتا، أومن في سانتا، أومن في سانتا، أومن في...."

وبرغم هذا لا يزورني سانتا.. ثم أخبر صديقي (مودي) فيسخر مني ويخبرني أن سانتا زاره ووضع له هدية في جوربه..

أخبره كم هو ساذج أن صدق أن سانتا زاره، وإنما هي والدته التي وضعت له الهدية.. ثم أعود أحدّث أمي:
- تعلمين، ماما، أنني أحب سانتا
- نعم
- فلماذا لم تحضري لي هدية وتضعينها في الجورب كوالدة (مودي)؟
- لأنك ولد سيء.. من الذي كسر كاسات ماما الجديدة؟ من الذي سكب اللبن الذي أحضرته ماما؟ من الذي مزّق الدمية التي اشترتها ماما؟ من الذي.....

ومع هذا، لم أفقد الأمل في سانتا.. وذات ليلة عيد ميلاد فتحت النافذة برغم البرد، وأضأت شجرة عيد الميلاد، وبت أردد كعهدي: "أنا أومن في سانتا". كدت أغمض عيني وأنزوي في عالم الأحلام حين توهجت شجرة عيد الميلاد وتأججت نيران المدفأة، وإذا بي أسمع جلبة خارج نافذتي.. فاعتدلت في فراشي وحدّقت في النافذة: أيجيء سانتا؟

أطلق سانتا صيحته الأسطورية: هوه هوه هوووه! ودلف من النافذة.. بذقنه البيضاء وحلته الحمراء وحنانه الذي لا يخفى، صرخت من أعماقي: سانتا جاء! سانتا جاء!

نظر لي بحنو:
"تأخرت عليك، طفلي، لكني جئت"

ثم منحني هدية مغلفة بغلاف أخضر، فككت شريطها بلهفة، وقد كانت دمية رائعة الجمال تلتمع في ضوء الغرفة الخافت..

نظرت إليه بتردد:
- لكنني لست ولدًا طيبًا
- الأولاد الطيبون حياتهم مبهجة كفاية.. أما أنت، فمن يبهج حياتك غيري؟

ارتميت بحضنه أردد:
- شكرًا سانتا
- هديتك غالية، طفلي، فحافظ عليها

ثم أبعدني عن حضنه لحظة، والتمع شيطان ما خلف عينيه وقال:
- أما إن أتلفتها، فسيكون حسابك عسيرًا

ثم ودّعني قائلاً:
- تذكر أن تدعوني لزيارتك عيد الميلاد القادم؛ فأنا لا يمكنني الحضور دون دعوة.

وغاب سانتا..

برغم دفء اللقاء إلاّ أن تهديده كان أقوى أثرًا في نفسي.. خفت على الدمية وحافظت عليها بعيني.. أصبحت تلازمني كظلّي في الصباح، وليلاً أنيمها جواري.. ولذلك حين تقلبت تلك الليلة كسرت ذراعها!

أصابني الرعب.. كنت حريصًا عليها.. ماذا كان بوسعي أن أفعل أكثر.. لكن هل يتفهم سانتا؟ حاولت إصلاح الذراع لكنه لم ينصلح.. لهذا قررت أني لن أدعو سانتا أبدًا عيد الميلاد التالي.

عشت حياة هيستيرية: أتلفت حولي في كل لحظة.. أحذر من كل الناس، وأصرخ لأتفه الأسباب.. وفي ليلة عيد الميلاد التالية أغلقت النافذة جيدًا، سددت المدفأة وشقوق الباب. ثم نمت في فراشي رافعًا الغطاء حتى عينيّ.

طرقت أمي الباب طرقتها المميزة وقالت:
- صغيري.. لأنك حزين في الأيام الأخيرة أعددت لك مفاجأة

ثم انفتح الباب كاشفًا عن سانتا واقفًا مبتسمًا ومن خلفه أمي تقول:
- لقد دعوت سانتا من أجلك!

أطلقت صرخة مريعة.. نظرت أمي لسانتا وقالت:
- منبهر بحضورك.. هو دومًا ينتظره

ثم أغلقت الباب قائلة:
- سأترككما معًا.

اقترب مني سانتا بعمق، وتلوّت الشياطين ألمًا في عينيه، وقال:
- ألم أحذرك من إتلاف الدمية
- لم أقصد، عنيت بها، ماما، مامااااااا

أشار إليّ سانتا بأطراف أصابعه، فوجدت أني أنكمش حتى صرت بحجم الدمية، فغلّفني بغلاف هداياه الأخضر، ووضعني في جوال الهدايا على ظهره، ثم أنزلني أسفل شجرة الكريسماس الخاصة بكِ، (سوزي).



هناك 22 تعليقًا:

  1. ايه سانتا الشرير ده
    بس حلوة وجديدة

    ردحذف
  2. كنت لسه بشوف
    the night before Christmas

    يمكن سانتا مخطوف ودا شرير منتحل شخصيته او حاجة... سانتا ميعملش كدا

    ردحذف
  3. السلام عليكم ،

    فكرة جيدة يا سالي.. عندما يكون الشخص محببا لدرجة لا تُتصور وينقلب إلى مصدر فزع لا يُتصّور !

    حينما يكون العقاب قاسيا بقدر لطافة الهدية !

    حين نحاول درء جميع منافذ الشيطان ، ويخرج من حيث لم يكن بالحسبان !

    حين يصبح قدوم سانتا كارثة !

    أحسنت..

    ردحذف
  4. اعتقد يا رفعت تعليقك احلى من القصة
    أسجل إعجابي

    ردحذف
  5. غير معرف23/12/10 16:56

    فين باقى القصة

    ردحذف
  6. قلتلك في تعليقي السابق على قصه جنيه الترعه انك بتتركى مساحة للقارئ انه يحط النهايه في مخيلته .. ودا تشويق مالوش حدود في القصه ودى طريقه عجبتنى جدا في كتاباتك

    ردحذف
  7. غير معرف25/6/11 08:38

    مشوقة بشكل كبير شكرا

    http://rewaeate.blogspot.com

    ردحذف
  8. غير معرف17/4/12 20:28

    روعه انشا الله دوم التميز بس احس القصص دايم نفس بعض قصدي نفس الاسلوب
    ننتظر جديدكم

    ردحذف
  9. غير معرف11/5/12 15:23

    نايس بس بليز لو تقدرو تخلو فيها حماس اكتر

    ردحذف
  10. غير معرف10/9/12 10:40

    قصه جميله جدا ومشوقه

    ردحذف
  11. علياء28/10/12 13:39

    حلوة اوى

    ردحذف
  12. متشكرة قوي على الكلام الجميل دي اول قصة في المدونة وشكرا جزيلا لمتابعتكم من البداية

    ردحذف
  13. غير معرف4/3/13 20:27

    Scary

    ردحذف
  14. غير معرف4/3/13 22:57

    حلوه أوى ياأجمل سولى ومي
    رسى ياقمر على الكلام الجميل ده وأوعدك إنشاءالله مش هغيب عليك تانى

    ردحذف
    الردود
    1. ميرسي يا وزة وبرضه عرفتك لوحدي رنا :))

      حذف
  15. ايوه بس انتي مخلية سانتا الشرير حالق شنبه زي السلفيين ليه هههههه

    يمكن هما اللي خاطفين سانتا هههههههه

    ردحذف
  16. احيييييييييييييييييه
    فااااااااااااااااجره
    انا اساسا عمرى ماطمنت لسانتا بشكله اللى شبه خيرت الشاطر ده :)

    ردحذف
  17. غير معرف1/1/14 17:34

    أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  18. مريم عبدالعال23/6/17 02:19

    انتي انسانة رائعة وكتابتك تفوق حد المهارة .. استمتع بقراءة كل سطر من قصصك :)

    ردحذف

إذًا، ماذا ترى؟
أسرِع، لا يمكنني الانتظار

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...