الأربعاء، 9 يناير 2013

عن لعنة (ليلى برهان)


استمع لي، أنت تهمني، لو لم تكن تهمني ما كنتُ لأنصحك: ابتعد عن (ليلى برهان).

(ليلى برهان) لا تملك روحًا مثلنا، إن لها نصف روح فقط، والنصف الآخر حمله وفرّ به من يدعى (سامي عزيز).
(ليلى برهان) لا تملك عمرًا مثلنا، إن لها ربع قرن أخذته كاملاً وأنكرته، ربع قرن لا تفعل شيئًا سوى اتساع العينين وسقوط الفك مع الارتجاف، ثم الجلوس لأقرب مقعد تحكي لأول عابر عمّا أصابها، ولا تنسى أن تخبره أنها لم تأخذ شيئًا من العمر، ويمكنها أن تصوّب عينيها الكاذبتين إلى عينيك لمدى ما شئت دون أن تطرُف؛ تقول أنها تريد عمرها.
(ليلى برهان) لا تملك اسمًا مثلنا، إن اسمها ميراث من الماضي والحاضر سيحني ظهرك، ومتاهة من كتب النثر والشِعر ستدير رأسك، وأنشودة من أناشيد الحب والرعب سترجف بدنك، ترعِد عظامك، تذيب أعصابك، تجمّد دماءك، تزيغ بصرك، تشيب شعرك، تخبّط أسنانك، تفكك ركبك، تنحل وبرك، تقصف عمرك، فتحلى بالحكمة وانفذ بجلدك من (ليلى برهان).


(ليلى برهان) ـ أغلب الوقت ـ شعرها قصير، يشاهدونه في أوقات طويل. عينها سوداء، تبدو في مرات خضراء. وزنها مثالي ومع هذا تتبع حمية، لأن الميزان يخبرها عن ضعف وزنها.
(ليلى برهان) ـ أغلب الظن ـ تعمل نادلة، إنهم يشاهدونها تدخل وتخرج من مطعم غريب تحوم حوله القطط السوداء: ورديات عمل مسائية، زبائن غرباء الأطوار، وتقطيبة دائمة على جبينها ـ كما التعويذة ـ تطرد الأرواح الشريرة، ومع هذا تجذبك أنت، لأن روحك ليست شريرة، وعودك الأخضر سينثني على يديها حتى تسمع الطقطقة، فتشبث بجبل يعصمك منها واركض إلى أبعد ما يمكنك عن (ليلى برهان).
(ليلى برهان) ـ أغلب العمر ـ تجلس وحيدة، ولذلك لا أفهم بالضبط سبب ضحكها فجأة ثم تكويرها قبضتها لتدفع بها في كتف خفي، لا أعرف سر توقفها في الطريق لتحية من لم يوجد، أو مغزى ردها على الهاتف حين لا يرن.

استمع لي، لا تستمع إلى (ليلى برهان)!
ستندهك كما النداهة وستنجذب لها كما المجذوب. ستركض أميالاً خلف كلمة من شفاهها حين تنطق، وستدمن حميميتها حين تنصت إليك بوجل، وتجيب أحزانك بهمهمة لا أكثر لكن فيها كل المواساة، وحين تصمت أنت، سترفع إليك طرف عينها هامسة: "وماذا بعد؟"، وستجد أنك تسترسل في الحكي حتى لتفتح قدس أقداسك، وتفصح عن سر أسرارك دون أن تعي، ثم تسكب فوقه روحك في فنجان وتقدمه لها. ثم اخبرني بعدها كيف ستعيش من دون روح.

ستحبها، ولن تقدر أن تخبرها أنك تحبها، ستكتفي منها بتربيت كتف الأصدقاء، ستكتفي أن تلمح قلقها عليك إذا ما سعلتَ وركضها لتجلب كوبًا من الماء والدواء، تكتفي أن تحدّثها عن ’صديقك‘ الذي يحب من طرف واحد، وتحدّثك هي عن أحبّائها الجدد الذين لستَ أحدهم. وفي اللحظة التي تقرر بها أن تتغلب على مخاوفك وتصارحها بحبك ستتراجع سنتيمترات للوراء، ترسم الدهشة على وجهها في حين تخبرك فيما يشبه الحرج: "ولكني حكيت لك عن حبيبي الجديد."
وستعرف أنت أن حبيبها الجديد هو غريمك القديم  هو عدوّك الأوحد، هو من يدعى (سامي عزيز)، وأنّ كل حبيب غيره يأتيها حاملاً حياته على كفّه، فتنتقي منها بعض الدفء، بعض السعادة، بعض الصبر على فراق (سامي عزيز)، ثم ترد إليه كفّه. وأنت: مسكين يا أنت. أنت اسمًا على قائمة أطول من الليالي السوداء التي تنتظرك في عشق (ليلى برهان).

ستعلم ـ متأخرًا ـ أنني صدَقتُ حين أخبرتك أن (ليلى برهان) ملكة الاحتمالات وسيدة التناقضات وبطلة الحكايات غير المكتملة، أنها حنونة وقاسية، وأنها قد تحبك، وقد لا تأبه بك على الإطلاق، ستعرف أنها ناعمة كالثعابين، ودمعتها قريبة كالتماسيح، وقليلة الحيلة كما الـ ’أنثى‘، أقول لك: أ ـ ن ـ ث ـ ى، وأنت تعرف كم عظيم كيدهن!

ولن تعرف، لا أحد يعرف لماذا تستخدم تلك البريئة أناملها الصغيرة لتكتب الرعب دونًا عن الأنواع الأخرى، لا أحد يفهم لماذا تستخدم صوتها الرقيق لتقرأه على نفسها قبل الآخرين، ولا أحد يلمح التماع عينها باللذة حين ترتجف خوفًا من حرف كتبته بنفسها.

انتبه لي..
أنا هنا في الظلام أتكبد نصيحتك، وأنت تسعى بإصرار لأن تصيبك لعنة (ليلى برهان)، ألم تحاول أن تسأل نفسك:
لماذا تترك (ليلى برهان) العمل في مجال دراستها كصحفية واعدة وتفضّل أن تعمل نادلة في ذاك المطعم المريب!
لماذا تترك البشر على الأرض وتصادق شبحًا على الإنترنت تناديه (فانتوم) وتبث إليه حكاياتها عن عوالم لا أدري كنهها، وشخصيات ليست على ما يُرام؟
لماذا تتزوج بواحد في حين تهيم بآخر، ثم يظل بقلبها متسعًا لـ (عاصم) و (نائل) و (إيهاب) و(فريد) و... أخشى أن أنسى أحدهم!
ولماذا بعد كل هذا، تظل تأمل أنت ـ في أسعد أحلامك ـ  بأن تصير ’أحدهم‘!؟

ألم يخطر ببالك مرّة أن تسأل تلك الأرملة الحزينة المسماة (ليلى برهان):
كيف صارت أرملة بعد زواجها بهذه السرعة، وأين ذهب الطفل الذي كانت تحمله ببطنها!؟

لم يعد هناك وقت، استجب لي، لا تقترب من (ليلى برهان)، لا تعبر بشارع عبرت به (ليلى برهان)، لا تبحث في ذاكرتك، لا ترسم في مخيلتك، ولا تردد في خاطرك جملة تحمل اسم حبيبتي ’(ليلى برهان)‘.

بإخلاص،
أحدهم.

أعداد السلسلة متوفرة إن شاء الله ضمن إصدارات المؤسسة العربية الحديثة في معرض الكتاب يناير 2013  
صفحة السلسلة على الفيس بوك

هناك 11 تعليقًا:

  1. الردود
    1. انا مستنية أشوفك يا جميل في المعرض هتنوريني أكيييد

      حذف
  2. غير معرف13/2/13 23:05

    جميلة أوى ياسولى
    رنا

    ردحذف
  3. جميله جداااا انا جديده علي الموقع بس بجد عجبني
    جداا . انتظر جديدك

    ردحذف
  4. محمود مهنا14/5/14 17:52

    قصصك حلوه يا سالي بس ف قصه رعب اسمها مخطوطه ابن اسحاق يريت تنزليها

    ردحذف
  5. غير معرف23/5/14 18:45

    كيف نعرف انها ليلى برهان

    ردحذف
  6. غير معرف23/5/14 18:46

    كيف نعرفها

    ردحذف
  7. غير معرف23/5/14 18:47

    قصصك جميلة

    ردحذف

إذًا، ماذا ترى؟
أسرِع، لا يمكنني الانتظار

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...